وتشبه دوامات مالستروم في شكلها الكأس أو
القمع، فتبدو فتحاتها واسعة مستديرة، ثم تضيق رويداً رويداً وتنجرف مع
التيار حتى تتلاشى، وينشأ غيرها وتتتابع وتتلاحق كأنها مطبات على طول
التيار، تلتهم كل ما يصادفها من قوارب صيد أو غيرها.
يتضح مما
سبق أن ظاهرة المد والجزر وليدة الظواهر الفلكية، مثل دوران القمر حول
الأرض ودوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، وأن اختلاف المد والجزر بالزيادة
أو النقصان يرجع لكل من القمر والشمس، ويمكن حسابه والتكهن بوقوعه بدرجة
عالية من الدقة، لكن الحقيقة غير ذلك، فنظرية المد قامت على فروض غير
صحيحة، إذ أنها افترضت أن الماء يحيط بالأرض على شكل غلاف بسمك واحد، وأن
الماء لا عزم له ولا قوام. وطبيعة الماء تخالف هذا الفرض إذ أن للماء عزماً
وله قواماً، ومن ثم فأنه لا يتشكل في التو واللحظة تحت تأثير قوى الجذب،
بل تلزم فترة زمنية حتى تتم هذه الاستجابة. كذلك لا يغطي المـاء سطح الأرض
تمامـاً بـل يُغطي مـا نسبته 70.8% من مساحة الكرةالأرضية، كما أنه ليست
أعماق المياه متساوية، فضلاً عن أن طبيعة الشواطئ البحرية وتعرجاتها ليست
واحدة، ولهذا كله أثر كبير في حدوث المد وارتفاعه، فالماء يتراكم في
المضايق والخلجان، وينبسط في البحار المفتوحة.
هناك عوامل طبيعية
أخرى تُخرج ظاهرة المد والجزر من دائرة النظام الفلكي الدقيق مثل الرياح
واتجاهها. فإذا هبت الرياح في اتجاه الشاطئ فإنها تسرع بتيارات الماء
دخولاً في الخلجان، فيرتفع المد أكثر من المقدر له حسابياً كما أنه يحدث
قبل ميعاده، وقد تجعله يستمر في ارتفاعه مدة طويلة، ويكون العكس إذا هبت
الرياح نحو البحر، فتؤخر من حدوثه وتقلل من ارتفاعه.
وللضغط
الجوي أيضاً تأثير في ارتفاع الماء، فهناك علاقة عكسية بينهما، بمعنى أنه
إذا ارتفع الضغط، انخفض الماء، والعكس صحيح. وارتفاع عمود الزئبق سنتيمتراً
واحداً في البارومتر يعادل انخفاض 13 سنتيمتراً في منسوب سطح الماء.
وتُشاهد هذه الظاهرة في ميناء برستBrest في فرنسا، وأن أقل تغيير في الضغط
الجوي يحدث اختلافاً ملحوظاً في منسوب الماء.
ويمكن تطبيق نظرية
المد على المسطحات المائية جنوب دائرة العرض 40ْ جنوباً، لخلو هذا النطاق
من اليابس تقريباً، إلاّ من بعض الجزر الصغيرة المبعثرة، إضافة إلى أن
الرياح السائده فيها تهب في اتجاه واحد وبقوة ثابتة تقريباً معظم أوقات
السنة.
كيفية حدوث ظاهرة المـد والجـزر
ترتبط هذه الظاهرة بدوران القمر حول الأرض ودوران الأرض حول الشمس ، حيث
تتغير نتيجة لذلك أوضاع القمر والشمس بالنسبة إلى الأرض .
فقد لاحظ الإنسان منذ القدم أن مياه المحيطات والبحار تطغى على الشواطى
ثم تنحسر ثانية ، فقام بعمل إحصائية للأوقات التى يحدث فيها المد والجزر ،
وتبين أنه فى اليوم الواحد يحدث مدان وجزران فى المكان الواحد وأن الفترة
الزمنية التى تمضى بين مدين متتاليين تساوى 12 ساعة و15 دقيقة، وهى تعادل
نصف الفترة الزمنية التى يتم القمر خلالها دورة كاملة حول الأرض خلال اليوم
. ومن ثم تبين أن المد والجزر يرجعان أساسا إلى القمر ذاته .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وقد أمكن فهم حقيقة هذه الظاهرة بعد اكتشاف قانون الجاذبية لنيوتن ، حيث
عزاها العلماء إلى اختلاف قوتى التجاذب بين كل من الشمس والقمر على
اليابسة والمسطحات المائية على الأرض . وبالرغم من كبر كتلة الشمس
بالمقارنة بالقمر إلا أن تأثير القمر يزيد بحوالى مرتين ونصف عن تأثير
الشمس . وتضاف قوة جذب الشمس إلى قوة جذب القمر عندما يكون بدرا أو محاقا ،
أى فى منتصف أو بداية الشهر القمرى ، ويصبح المد عاليا عندئذ . أما المد
المنخفض فيحدث فى التربيع الأول والأخير .
ويتراوح ارتفاع المياه
فى المد ما بين متر واحد وخمسة عشر مترا . ولقد تم تطوير التكنولوجيات
المختلفة للانتفاع من ظاهرتى المد والجزر فى توليد الطاقة الكهربية
واستخدامها تجاريا ، كما أن متابعة ظاهرتى المد والجزر وعمل جداول حسابية
لهما يفيد فى الأعمال الملاحية وتشغيل الموانى وتجنب الأخطار الناجمة عنهما
م ن ق و ل
للأفاده